فصل: مسألة (22): بول الغلام الذي لم يأكل الطعام يرشُ.

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تنقيح التحقيق في أحاديث التعليق ***


مسألة ‏(‏22‏)‏‏:‏ بول الغلام الذي لم يأكل الطعام يرشُ‏.‏

وقال أبو حنيفة ومالك‏:‏ يغسل‏.‏

لنا أحاديث‏:‏ 121- الحديث الأوَّل‏:‏ قال أحمد‏:‏ ثنا سفيان عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله عن أم قيس بنت محِصن قالت‏:‏ دخلت بابن لي على رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لم يأكل الطعام فبال على ثوبه، فدعا بماء فرشَّه عليه‏.‏

‏[‏أخرجاه في ‏"‏الصحيحين ‏"‏‏]‏‏.‏

122- الحديث الثَاني‏:‏ قال أحمد‏:‏ ثنا عبد الصَمد بن عبد الوارث ثنا هشام عن قتادة عن أبي حرب بن أبي الأسود عن أبيه عن علي قال‏:‏ قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏"‏بول الغلام ينضح ‏[‏عليه‏]‏، وبول الجارية يغسل‏"‏‏.‏

قال قتادة‏:‏ هذا ما لم يطعما، فإذا طعما غسل بولهما‏.‏

ز‏:‏ رواه أبو داود وابن ماجه والترمذيَّ وقال‏:‏ حديث حسن‏.‏

وذَكر أنَ هشاماً الدَستوائيَ رفعه عن قتادة، وأنَّ سعيد بن أبي عروبة وقفه عنه ولم يرفعه‏.‏

وقال البخاريَّ‏:‏ سعيد بن أبي عروبة لا يرفعه وهام الدَّستوائيُ يرفعه وهو حافظ‏.‏

وكذلك ذكر الدَارَقُطْنِيُ، وروى هذا الحديث وصحَحه؛ ورواه الحاكم في ‏"‏المستدرك ‏"‏ وقال‏:‏ على شرطهما O‏.‏

123- الحديث الثَالث‏:‏ قال أحمد‏:‏ ثنا عفَّان ثنا وهيب ثنا أيُّوب عن صالح أبي الخليل عن عبد الله بن الحارث عن أمٌ الفضل قالت‏:‏ أتيت النبيَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقلت‏:‏ إني رأيت في منامي أنَ في بيتي أو حجري عضواً من أعضائك‏.‏

فقال‏:‏ ‏"‏تلد فاطمة- إن شاء الله- غلاماً فتكفلينه‏"‏‏.‏

فولدت فاطمة حسيناً فدفعه إليها، فأرضعته بلبن قُثم، قالت‏:‏ فأتيت به النَبيَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أزوره، فأخذه النَبيُ فوضعه على صدره، فبال فأصاب إزاره، فقلت بيدي بين كتفيه، فقال‏:‏ ‏"‏أوجعت ابني أصلحك الله- أو قال‏:‏ رحمك الله-‏"‏‏.‏

فقلت‏:‏ أعطني إزارك أغسله‏.‏

قال‏:‏ ‏"‏إنَما يغسل بول الجارية، ويصبُّ على بول الغلام‏"‏‏.‏

ز‏:‏ وأخرج نحوه أبو داود وابن ماجه من حديث أبي الأحوص عن سماك عن قابوس بن أبي المُخَارق عن أم الفضل، وتابعه عليُ بن صالح‏.‏

وروى نحوه الحاكم وصحَّحه‏.‏

وروي عن قابوس عن أبيه عن أمِّ الفضل O‏.‏

124- الحديث الرَابع‏:‏ قال ‏[‏أحمد‏]‏‏:‏ وثنا أبو بكر الحنفيُ ثنا أسامة بن زيد عن عمرو بن شعيب عن أمِّ كُرزٍ الخُزاعيَة قالت‏:‏ أُتي النبيُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بغلام، فبال عليه، فأمر به فنُضح؛ وأُتي بجاريةٍ، فبالت عليه، فأمر به فغُسل‏.‏

ز‏:‏ وروى ابن ماجه نحوه في ‏"‏سننه‏"‏ عن بندار ‏[‏عن‏]‏ الحنفي O‏.‏

قال‏:‏ وقد روى حديث بول الغلام‏:‏ ابن عمر وابن عبَّاس وعائشة وزينب‏.‏

ز‏:‏ 125- عن عائشة رضي أنَّ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يؤتى بالصَّبيان فيبِّرك عليهم ويحنِّكهم، فأُتي بصبي فبال عليه، فدعا بماء فأتبعه بوله ولم يغسله‏.‏

متفق عليه، واللفظ لمسلم‏.‏

126- وعن أبي السَمح قال‏:‏ كنت أخدم النَبيَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فأُتي بحسن- أو حسينِ- فبال على صدره، فجئت أغسله فقال‏:‏ ‏"‏يغسل بول الجارية، ويرش من بول الغلام‏"‏‏.‏

رواه ابن ماجه والنَسائيُ وأبو داود- وهذا لفظه- والدَارَقُطْنِيُ والحاكم وصحَحه‏.‏

127- وعن الحسن عن أمه أنَّها أبصرت أمَّ سلمة تصبُ على بول الغلام ما لم يطعم، فإذا طعم غسلته، وكانت تغسل بول الجارية‏.‏

رواه أبو داود‏.‏

128- وعن ابن عبَّاس قال‏:‏ أصاب النَبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أو جلده- بولُ صبي وهو صغير، فصبَّ عليه من الماء بقدر البول‏.‏

رواه الدَارَقُطْنِيُ من رواية الواقدي، والله أعلم O‏.‏

مسألة ‏(‏23‏)‏‏:‏ منيُ الآدمي وما يؤكل ‏[‏لحمه‏]‏ طاهرٌ‏.‏

وقال أبو حنيفة‏:‏ نجسٌ، ويفرك يابسه‏.‏

لنا ثلاثة أحاديث‏:‏ 129- الأوَل‏:‏ قال أحمد‏:‏ ثنا عفان ثنا حمَاد بن سلمة عن حمَاد عن إبراهيم عن الأسود عن عائشة قالت‏:‏ كنت أفرك المنيَّ من ثوب رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثمَّ يذهب فيصلي فيه‏.‏

انفرد بإخراجه مسلم‏.‏

130- الحديث الثَاني‏:‏ قال أحمد‏:‏ ثنا معاذ بن معاذ ثنا عكرمة بن عماَّر عن عبد الله بن ‏[‏عبيد‏]‏ بن عمير عن عائشة قالت‏:‏ كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يسلت المنيَ من ثوبه بعرق الإذخر، ثَمَّ يصلّي فيه، ويحتُّه من ثوبه يابساً، ثُمَّ يصلَي فيه‏.‏

131- الحديث الثَالث‏:‏ قال الدَارَقُطْنِيُ‏:‏ ثنا محمَّد بن مَخْلد ثنا إبراهيم بن إسحاق الحربيُّ ثنا سعيد بن يحيى بن الأزهر ثنا إسحاق بن يوسف ثنا شَريك عن محمَد بن عبد الرَّحمن عن عطاء عن ابن عبَّاس قال‏:‏ سئل النَبيُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن المنيِّ يصيب الثَوب‏.‏

قال‏:‏ ‏"‏إنَما هو بمنزلة المخاط والبصاق‏"‏‏.‏

وقال‏:‏ ‏"‏إنَّما يكفيك أن تمسحه بخرقةٍ أو بإذخرة‏"‏‏.‏

قال الخصم‏:‏ الصَحيح أن هذا الحديث موقوفٌ، قال الدَارَقُطْنِيُ‏:‏ لم يرفعه غير إسحاق الأزرق عن شَريك‏.‏

قلنا‏:‏ إسحاق إمامٌ مخرجٌ عنه في ‏"‏الصَّحيحين‏"‏، ورفعه زيادة، والزيادة من الثقة مقبولة، ومن وقفه لم يحفظ‏.‏

ز‏:‏ محمَّد بن عبد الرَحمن‏:‏ هو ابن أبي ليلى، وهو صدوق، وقد تكلّم في حفظه‏:‏ وفي طبقته‏:‏ محمَد بن عبد الرحمن بن عبيد ‏[‏مولى‏]‏ آل طلحة، وهو ثقة، روى له مسلمٌ، وروى عنه شريك، لكن لا يعرف أنَه روى عن عطاء‏.‏

وشريك‏:‏ هو ابن عبد الله النخعيُّ القاضي، وهو من الصَّادقين الَّذين تكلم في حفظهم‏.‏

والصَحيح أنَ هذا الحديث موقوفٌ كما قال الخصم، ونبَّه عليه الحذَاق، كما هو محررٌ في موضعِ آخرO‏.‏

قال المؤلف‏:‏ وقد ذكروا في ‏"‏التَعليق ‏"‏ أن عبد الباقي بن قانع قال‏:‏ يرويه سريع الخادم، وليس بشيءٍ‏.‏

وهذا شيء لا يعرف، ولا يدرى من سريع‏؟‏‏!‏ وقد رويناه من غير تلك الطَريق‏.‏

ز‏:‏ سريع‏:‏ هو ابن عبد الله الواسِطيُ، روى عن إسحاق الأزرق، روى عنه النسائيُْ ‏[‏وبَحْشَل‏]‏ O‏.‏

احتجُّوا بحديثين‏:‏ أحدهما‏:‏ أنهم حكوا ‏[‏أن‏]‏ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال لعائشة‏:‏ ‏"‏إذا وجدت المنيَّ رطباً فاغسليه، وإذا وجدتيه يابساً فحتيه‏"‏‏.‏

قالوا‏:‏ وهذا أمر، والأمر على الوجوب‏.‏

والجواب‏:‏ أن هذا الحديث لا يعرف، وإنَما المنقول أنَّها هي كانت تفعل ذلك من غير أن يأمرها‏.‏

132- فروى الدَارَقُطْنِيُ‏:‏ ثنا محمَد بن مَخْلد ثنا أبو إسماعيل الترمذيُ ثنا الحُميديَّ ثنا بشر بن بكر ثنا الأوزاعيُ عن يحيى بن سعيد عن عَمْرة عن عائشة قالت‏:‏ كنت أفرك المنيَ من ثوب رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا كان يابساً، وأغسله إذا كان رطباً‏.‏

133- وقال الترمذيُّ‏:‏ ثنا هنَّاد ثنا أبو معاوية عن الأعمش عن إبراهيم عن همَام بن الحارث ‏[‏قال‏]‏‏:‏ ضاف عائشة ضيفٌ، فأمرت له بملحفة صفراء ينام فيها، فاحتلم، فاستحيى أن يُرسل بها وبها أثر الاحتلام، فغمسها في الماء ثمَّ أرسل بها، فقالت عائشة‏:‏ لم أفسد علينا ثوبنا‏؟‏‏!‏ إنما كان يكفيه أن يفركه بأصابعه، وربَّما فركتُه من ‏[‏ثوب‏]‏ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بأصابعي‏.‏

قال الترمذيَّ‏:‏ هذا حديث صحيح‏.‏

134- أنا أبو منصور ‏[‏القَزَاز أنا‏]‏ أبو بكر أحمد بن عليٍّ الحافظ أنا أبو عمر بن مهدي ثنا الحسن بن إسماعيل المحامليُ ثنا إبراهيم بن أحمد بن عمر ثنا أبي ثنا وهب بن إسماعيل ثنا محمَد بن قيس عن محارب بن دثار عن عائشة قالت‏:‏ ربَّما حتته من ثوب رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏.‏

135- طريق آخر لهم عن عائشة‏:‏ قال أحمد‏:‏ ثنا يزيد أنا عمرو ابن ميمون ثنا سليمان بن يسار قال‏:‏ أخبرتني عائشة أنَّها ‏[‏كانت‏]‏ تغسل المنيَّ من ثوب رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فيخرج فيصلي وأنا أنظر إلى البقع في ثوبه من أثر الغسل‏.‏

أخرجاه في ‏"‏الصحيحين ‏"‏، وليس فيه حجَة، لأن غسله للاستقذار‏.‏

136- الحديث الثَاني‏:‏ قال ابن عَدِيٍّ في ‏"‏الكامل ‏"‏‏:‏ أنا أبو يعلى ثنا محمَد بن أبي بكر المُقدَميُ ثنا ثابت بن حمَّاد ثنا عليُ بن زيد عن سعيد بن المسيَب عن عمَّار بن ياسر قال‏:‏ مرَّ بي رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وقد تنخَمت، فأصابت نخامتي ثوبي، فأقبلت لأغسل ثوبي، فقال لي النَّبيُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏"‏يا عمَّار، مما نخامتك ودموع عينيك إلا بمنزلة الماء الذي في ركوتك، إنَّما تغسل ثوبك من البول والغائط والمني والدَّم والقيء‏"‏‏.‏

قال الدَارَقُطْنِيُ‏:‏ لم يروه غير ثابت بن حمَاد، وهو ضعيف جداً‏.‏

قال ابن عَدِي‏:‏ له مناكير مقلوبات يخالف فيها الثِّقات‏.‏

وأمَا عليُ بن زيد‏:‏ فقال أحمد ويحيى‏:‏ ليس بشيء‏.‏

وقال أبو حاتم الرَازيَّ‏:‏ لا يحتجُ به‏.‏

ز‏:‏ قال البيهقيُ في هذا الحديث‏:‏ هذا باطلٌ لا أصل له، وعليُ بن زيدٍ‏:‏ غير محتجٍّ به، وثابت بن حمَاد‏:‏ متهمٌ بالوضع‏.‏

وذكر شيخنا العلاَّمة أبو العبَاس‏:‏ أن هذا الحديث كذبٌ عند أهل المعرفة بالحديث‏.‏

وقال أبو الخطَاب في ‏"‏الانتصار‏"‏- لمَا احتج عليه بهذا الحديث-‏:‏ قلنا‏:‏ هذا الخبر ذكر هبة الله الطبريَّ أنَّه يرويه ثابت بن حمَاد، وأن أهل النَّقل أجمعوا على ترك حديثه O‏.‏

مسألة ‏(‏24‏)‏‏:‏ لا يجوز تخليل الخمر، وإن خللت لم تطهر‏.‏

وقال أبو حنيفة‏:‏ يجوز وتطهر‏.‏

لنا حديثان‏:‏

137- الحديث الأوَل‏:‏ قال الإمام أحمد‏:‏ ثنا وكيع ثنا سفيان عن السُدي عن أبي هبيرة عن أنس بن مالك‏:‏ أنَّ أبا طلحة سأل النَبيَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن أيتام وَرِثُوا خمراً‏؟‏ قال‏:‏ ‏"‏أهرقها‏"‏‏.‏

قال‏:‏ أفلا نجعلها خلاً‏؟‏ قال‏:‏ ‏"‏لا‏"‏‏.‏

انفرد بإخراجه مسلم، واسم أبي هبيرة‏:‏ ‏[‏يحيى بن‏]‏ عبَّاد‏.‏

138- طريقٌ آخر‏:‏ قال الدَّارَقُطْنيُ‏:‏ ثنا الحسن بن إسماعيل القاضي ثنا يعقوب الدَورقيُ ثنا المعتمر عن ليث عن يحيى بن عبَاد عن أنس قال‏:‏ جاء أبو طلحة إلى النَّبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏[‏فقال‏:‏ إني اشتريت لأيتام في حجري خمراً‏؟‏ فقال له النَبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏]‏‏:‏ ‏"‏اهرق الخمر، وكسِّر الأدنان‏"‏‏.‏

فأعاد ذلك عليه ثلاث مرَّات‏.‏

139- طريق آخر‏:‏ قال الدَارَقُطْنيُ‏:‏ وثنا يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن البهلول ثنا جدي ثنا عبد الرَحمن بن مهدي عن سفيان عن السُدي عن يحيى بن عبَاد عن أنس أنَّ النَبي‏'‏ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُئل عن الخمر‏:‏ أتتخذ خلاً‏؟‏ قال‏:‏ ‏"‏لا‏"‏‏.‏

140- الحديث الثَاني‏:‏ قال أحمد‏:‏ ثنا يحيى عن مُجالد قال‏:‏ حدَثني أبو الوَدَّاك عن أبي سعيد قال‏:‏ قلنا لرسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لمَّا حُرِّمت الخمر‏:‏ إنَّ عندنا خمراً ليتيم لنا‏؟‏ فأمرنا فأهرقناها‏.‏

ز‏:‏ رواه الترمذيُّ عن عليِّ بن خَشْرَم عن عيسى بن يونس عن مُجَالد، وقال‏:‏ حسن‏.‏

ومجالد ضعَّفه غير واحد، وقال أحمد‏:‏ ليس بشيءِ‏.‏

وقال ابن معين‏:‏ صالح‏.‏

وقال مرَّة‏:‏ لا يحتجُ به‏.‏

وقال الدَارَقُطْنِيُ‏:‏ ضعيف O‏.‏

احتجوا بأحاديث‏:‏ 141- قال الدَارَقُطْنِيُ‏:‏ ثنا محمَد بن مَخْلَد ثنا أحمد بن إسحاق بن يوسف ثنا محمَّد بن عيسى بن الطَبَّاع ثنا فرج بن فَضالة قال‏:‏ حدَثني ‏[‏يحيى‏]‏ بن سعيد عن عَمْرة عن أم سلمة أنَّها كانت لها شاة تحلبها، ففقدها النَّبيُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال‏:‏ ‏"‏ما فعلت الشاة‏؟‏ ‏"‏ قالوا‏:‏ ماتت‏.‏

قال‏:‏ ‏"‏أفلا انتفعتم بأهابها‏"‏‏.‏

قلنا‏:‏ إنَّها ميتة‏!‏ فقال‏:‏ ‏"‏إنَّ دباغها يحل كما يحل خل الخمر‏"‏‏.‏

قال الدَارَقُطْنِي‏:‏ تفرد به فرج بن فَضالة، وهو ضعيف‏.‏

وكذلك قال فيه يحيى بن معين، وقال ابن حِبَان‏:‏ يقلب الأسانيد، ويلزق المتون الواهية بالأسانيد الصَحيحة، لا يحلُ الاحتجاج به‏.‏

وقد ‏[‏ذكروا‏]‏ في ‏"‏التَعليق ‏"‏ أحاديث لا أصل لها‏:‏ منها‏:‏ ‏"‏خير خلّكم خلُّ خمركم‏"‏‏.‏

ومنها‏:‏ ‏"‏يطهر ‏[‏الدباغ‏]‏ الجلد كما تخلَل الخمرة فتطهر‏"‏‏.‏

وهذا لا يعرف‏.‏

مسألة ‏(‏25‏)‏‏:‏ يحرم استعمال إناءٍ مفضَّضٍ إذا كان كثيراً، فإن كان يسيراً لحاجةٍ لم يكره‏.‏

وقال أبو حنيفة وداود‏:‏ لا يكره ذلك يسيراً كان أو كثيراً‏.‏

وقال أصحاب الشَافعيّ‏:‏ الكثير الذي لا يحتاج إليه حرام، فإن احتيج إليه كره‏.‏

لنا‏:‏ 142/أ- ما روى الدَّارَقُطْنيُ‏:‏ ثنا عبد الله بن محمَّد بن إسحاق الفاكهيُّ ثنا أبو يحيى بن أبي مسرَّة ثنا يحيى بن محمَّد الجَاريُّ ثنا زكريا بن إبراهيم بن عبد الله بن مُطيع عن أبيه عن عبد الله بن عمر أنَّ النَّبيَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال‏:‏ ‏"‏من شرب في إناء فضَّةٍ أو ذهب أو إناء فيه شيءٌ من ذلك فإنَّما يجرجر في بطنه نار جهنم‏"‏‏.‏

ز‏:‏ زكريا بن إبراهيم بن عبد الله ‏[‏بن مطيع‏]‏‏:‏ غير معروفٍ‏.‏

ويحيى بن محمَّد الجَارِيَّ‏:‏ وثَقه العجليُ، وقال البخاريُّ‏:‏ يتكلمون فيه‏.‏

وذكره ابن حِبَان في كتاب ‏"‏الثقات ‏"‏ وقال‏:‏ يغرب‏.‏

وقال ابن عَدِي‏:‏ ليس بحديثه بأسٌ‏.‏

وقال أبو عوانة الإسفرايينيُّ‏:‏ ثنا عبَّاس الدُوريَّ ثنا يحيى الزَّمَّيُ ثنا يحيى بن محمَد الجاريَّ بساحل المدينة، ثقةٌ‏.‏

وقال ابن القطَان‏:‏ حديث ابن عمر لا يصحُ، وزكريا هو وأبوه لا يعرف لهما حالٌ‏.‏

وقال شيخنا أبو العبَاس في ‏"‏الفتاوى‏"‏‏:‏ إسناده ضعيف‏.‏

وقد دلَّ على جواز التَضبيب بيسير الفضَّة للحاجة‏:‏ 142/ب- ما روى أنس أن قدح رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ انكسر فاتَخذ مكان ‏[‏الشَعب‏]‏ سِلْسِلَةَ من فِضَة‏.‏

أخرجه البخاريَّ هكذا، ثم رواه عن عاصم قال‏:‏ رأيت قدح النَبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عند أنس بن مالك وكان قد انصدع فسلسله بفضَة‏.‏

قيل‏:‏ الذي سلسله أنس بن مالك‏.‏

وفي رواية الإمام أحمد‏:‏ رأيت عند أنس بن مالك قدح النَبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فيه ضبةٌ من فِضَة O‏.‏

مسألة ‏(‏26‏)‏‏:‏ فأمَا الذَّهب فلا يجوز منه شيء

وعند الخصم‏:‏ يجوز المسمار من ذهب في الخاتم‏.‏

احتجَ أصحابنا‏:‏ 143- بما روى أحمد‏:‏ ثنا محمَّد بن عُبيد ثنا داود الأَوْديَّ عن شَهْر عن أسماء بنت يزيد قالت‏:‏ قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏"‏لا يصلح من الذهب شيء ولا خَربَصِيصة‏"‏‏.‏

الخَرْبَصِيصة‏:‏ الشيء الحقير من الحلي‏.‏

وداود وشهر‏:‏ ضعيفان، قال أحمد‏:‏ داود ضعيف‏.‏

وقال يحيى‏:‏ حديثه ليس بشيءٍ‏.‏

وقال ابن عَدِي‏:‏ شهر لا يحتجُ ‏[‏بحديثه‏]‏‏.‏

وقال ابن حِبَّان‏:‏ كان يروي عن الثقات المعضلات، عادل عبَاد بن منصور في الحج فسرق عيبته فهو الذي يقول فيه القائل‏:‏ لقد باع شَهْرٌ دينَه بخَرِيْطةِ فمن يأمن القرَّاء بعدك ياشَهْرُ ز‏:‏ هذا الذي حكاه ابن حِبَّان عن شَهْرِ ‏(‏أنَّه عادل عبَّاد بن منصور فسرق عيبته‏)‏ بعيد مخالفٌ لما حكاه غيره، قال يحيى بن أبي بكير الكرمانيُّ عن أبيه قال‏:‏ كان شهر بن حوشب في بيت المال، فأخذ خَرِيْطةً فيها دراهم، فقال القائل‏:‏

لقد باع شَهْرٌ دينَه بخَرِيطَةٍ

البيت‏.‏

وقال محمَد بن جرير الطبريُّ‏:‏ قال عليُّ بن محمَد‏:‏ قال أبو بكر الباهليُّ‏:‏ كان شَهْرُ بنُ حَوْشَبِ على خزائن يزيد بن المهلَّب، فرفعوا عليه أنَه أخذ خَرِيْطَةً، فسأله يزيدُ عنها، فأتاه بها، فدعا يزيد الذي رفع عليه فشتمه، وقال لشَهْرِ‏:‏ هي لك‏.‏

قال‏:‏ لا حاجة لي فيها‏.‏

فقال القُطَامِيُّ الكَلْبِيُّ- ويقال‏:‏ سنان بن مكبل النميري-‏:‏

لقد باع شَهْرٌ دينَه بخَرِيْطةٍ *** فمن يأمَنُ القُرَّاء بعدك يا شَهْرُ

أَخَذْتَ بها شيئاً طفيفاً وبعتَه *** من ابن جرير إن هذا هو الغدر

وقد وثَّق شهراً‏:‏ أحمد بن حنبل ويحى بن معين وأحمد بن عبد الله العجليُ ويعقوب بن شيبة السَدوسيُ وغيرهم، وتكلَّم فيه جماعة‏.‏

وداود‏:‏ هو ابنُ يزيد الأَوْدِيَّ، وهو عمُ عبد الله بن إدريس، ضعَّفه غير واحد، وحسَّن ابنُ عَدي أمره، وقال‏:‏ لم أر له حديثاً منكراً جاوز الحدَّ إذا روى عنه ثقةٌ، وإن كان ليس بقويٍّ في الحديث فإنَه يكتب حديثه، ويقبل إذا روى عنه ثقةٌ O‏.‏

مسائل الاستنجاء

مسألة ‏(‏27‏)‏‏:‏ لا يجوز استقبال القبلة ولا استدبارها ‏[‏للحاجة‏]‏ في الصَحراء، وهل يجوز في البنيان‏؟‏ على روايتين، أصحُهما الجواز‏.‏

وقال ‏[‏أبو حنيفة‏]‏‏:‏ لا يجوز بحالِ‏.‏

وقال داود‏:‏ يجوز بكل حالِ‏.‏

‏[‏احتجَ‏]‏ أبو حنيفة‏:‏ بمطلق النهي‏.‏

144- قال أحمد‏:‏ ثنا سفيان عنِ الزهري عن عطاء بن يزيد الليثي قال‏:‏ سمعت أبا أيُوب يخبر عن النَبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنَه قال‏:‏ ‏"‏لا تستقبلوا القبلة بغائطٍ ولا بول، ولكن شرقوا أو غرِّبوا‏"‏‏.‏

أخرجاه في ‏"‏الصحيحين‏"‏‏.‏

145- وقال مسلم‏:‏ ثنا أحمد بن الحسن بن خِرَاشِ ثنا عمر بن عبد الوهاب ثنا يزيد بن زُرَيْع ثنا رَوْح عن ‏[‏سُهيل‏]‏ عن القَعْقَاع عن أبي صالح عن أبي هريرة عن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال‏:‏ ‏"‏إذا جلس أحدكم على حاجته فلا يستقبل القبلة ولا يستدبرها‏"‏‏.‏

انفرد بإخراجه مسلم‏.‏

ونحن والشَافعيُ نحمل هذا على الصَحاري دون البنيان، بدليل‏:‏ 146- ما روى التِرمذيَّ‏:‏ ثنا هنَاد ثنا عَبدَةُ عن عبيد الله بن عمر عن محمَد بن يحيى بن حَبَّان عن ‏[‏عمه‏]‏ واسع بن حَبَان عن ابن عمر قال‏:‏ رقيت يوماً على بيت حفصة فرأيت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على حاجته مستقبل الشَام، مستدبر الكعبة‏.‏

أخرجه مسلم‏.‏

وقد روى نحو هذا‏:‏ أبو قتادة وعمَّار، وليس هذا بنسخٍ للأوَل، إنَّما هذا في البنيان‏.‏

ز‏:‏ حديث ابن عمر‏:‏ رواه البخاريَّ أيضاً، ولفظه‏:‏ قال‏:‏ ارتقيت يوماً على بيت حفصة لبعض حاجتي، فرأيت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقضي حاجته مستدبر القبلة مستقبل الشَام‏.‏

وفي الباب أحاديث كثيرة من الطَّرفين، منها‏:‏

147- عن سلمان الفارسيِّ رضي الله عنه قال‏:‏ قيل له‏:‏ قد علَمكم نبيُّكم صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كل شيءً حتَّى الخِرَأَة‏!‏ قال‏:‏ فقال‏:‏ أجل، لقد نهانا أن نستقبل القبلة بغائطٍ أو بول، أو أن نستنجي باليمن، أو أن نستنجي بأقلَ من ثلاثة أحجار، أو أن نستنجي برجيعٍ أو بعظمٍ‏.‏

رواه مسلم، وسيذكر بعدُ‏.‏

148- وعن معقل بن أبي معقل الأسديِّ قال‏:‏ نهى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن نستقبل القبلة بغائطٍ أو بول‏.‏

رواه أحمد- واللفظ له- وأبو داود وابن ماجه‏.‏

149- وعن عبد الله بن الحارث بن جَزْء الزُّبيديِّ رضي الله عنه قال‏:‏ أنا أوَّل من سمع النَبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول‏:‏ ‏"‏لا يبولنَّ أحدكم مستقبل القبلة‏"‏‏.‏

وأنا أوَّل من حدَّث النَاس بذلك‏.‏

رواه أحمد وابن ماجه‏.‏

150- وعن جابر بن عبد الله قال‏:‏ حدَّثني أبو سعيد الخدريُّ أنَّه يشهد على رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنَه نهى أن تستقبل القبلة بغائطٍ أو بول‏.‏

رواه ابن ماجه من رواية ابن لَهيعَة‏.‏

151- وعن جابر بن عبد الله قال‏:‏ نهى نبيُّ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن تستقبل القبلة ببولٍ، فرأيته قبل أن يقبض بعامٍ يستقبلها‏.‏

رواه الإمام أحمد وأبو داود وابن ماجه والتَرمذيُّ وقال‏:‏ حديث حسنٌ غريب‏.‏

وهو من رواية محمَّد بن إسحاق، وقال البخاريُّ‏:‏ هذا حديثٌ صحيحٌ‏.‏

وروى الحاكم وقال‏:‏ هو على شرط مسلم‏.‏

وليس كما قال، وتكلم فيه ابن عبد البّر في كتاب ‏"‏الاستذكار‏"‏‏.‏

قال التِّرمذيَّ‏:‏ وقد روى هذا الحديث ابن لَهيعة عن أبي الزُّبير عن جابر عن أبي قتادة أنَّه رأى النَبيَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يبول مستقبل القبلة‏.‏

أنا بذلك قتيبة ثنا ابن لَهِيعَة‏.‏

وحديث جابر عن النَبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أصحُ من حديث ابن لهيعة، وابنُ لهيعَة ضعيف عند أهل الحديث، ضعَّفه يحيى بن سعيد القطَان وغيره‏.‏

152- وعن عِرَاك عن عائشة قالت‏:‏ ذكر لرسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن ناساً يكرهون أن يستقبلوا القبلة بفروجهم، فقال‏:‏ ‏"‏أوقد فعلوا‏؟‏‏!‏ حوِّلوا مقعدتي قبل القبلة‏"‏‏.‏

رواه أحمد- وهذا لفظه- وابن ماجه‏.‏

وقال أحمد‏:‏ أحسن ما روي في الرُخصة حديث عِرَاك- وإن كان مرسلاً- فإن مخرجَه حسنٌ‏.‏

سماَّه مرسلاً لأنَّ عِرَاكاً لم يسمع من عائشة‏.‏

وقد روى أحمد والدَارَقُطنيُ في بعض طرق هذا الحديث أن عراكاً قال‏:‏ ‏(‏حدَثتني عائشة‏)‏‏.‏

وهو يدلُ على سماعه منها، ‏[‏قال بعضهم‏:‏‏]‏ ويقوِّي ذلك أنَّ مسلماً أخرج في ‏"‏صحيحه ‏"‏‏:‏ ‏(‏

حدَثنا عِرَاك عن عائشة‏)‏‏.‏

والمراسيل والمنقطعات ليست من شرط الصَحيح‏.‏

وقد سأل عبد الرَحمن بن أبي حاتم أباه عن هذا الحديث، فقال‏:‏ لم أزل أقفوا أثر هذا الحديث حتَى كتبت بمصر‏:‏ عن إسحاق بن بكر بن مضر- أو غيره- عن بكر بن مضر عن جعفر بن ربيعة عن عِرَاك بن مالك عن عُروة عن عائشة موقوف‏.‏

وهذا أشبه‏.‏

153- وعن مروان الأصفر قال‏:‏ رأيتُ ابنَ عمر أناخَ راحلته مستقبل القبلة، ثُمَّ جلس يبول إليها، فقلت‏:‏ أبا عبد الرَحمن، أليس قد نُهي عن هذا‏؟‏ قال‏:‏ بلى، إنَّما نُهي عن ذلك في الفَضاء، فإذا كان بينك وبين القبلة شيءٌ يستُرك فلا بأس‏.‏

رواه أبو داود والدَارَقُطْنيُ والحاكم وقال‏:‏ هو على شرط البخاري‏.‏

وفي إسناده الحسن بنُ ذَكْوان، وقد تكلَم فيه غير واحدٍ، وروى له البخاريَّ، والله أعلم O‏.‏

مسألة ‏(‏28‏)‏‏:‏ الاستنجاء واجبٌ بالماء أو بالأحجار‏.‏

وقال أبو حنيفة‏:‏ مستحبٌ‏.‏

واختلف أصحاب مالك في إزالة النجاسة في الجملة من السَبيلين وغيرها، فمنهم من قال‏:‏ سنة‏.‏

154- قال الإمام أحمد‏:‏ ثنا سُرَيج- هو ابن ‏[‏النعمان‏]‏-‏.‏

وقال الدَارَقُطْنِيُ‏:‏ ثنا أبو محمَد بن صاعد والحسين بن إسماعيل قالا‏:‏ ثنا يعقوب بن إبراهيم‏.‏

قالا‏:‏ ثنا عبد العزيز بن أبي حازم قال‏:‏ حدَثني أبي عن مسلم بن قُرْط عن عروة عن عائشة أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال‏:‏ ‏"‏إذا ذهب أحدكم لحاجته فليستطب بثلاثة أحجار، فإنَّها تجزئه‏"‏‏.‏

155- قال الدَارَقُطْنِيُ‏:‏ وثنا عبد الباقي بن قانع ثنا أحمد بن الحسن المُضَريَّ ثنا أبو عاصم ثنا زَمْعة بن صالح عن سلمة بن وهرام عن طاوس عن ابن عبَّاس قال‏:‏ قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏"‏إذا قضى أحدكم حاجته فليستنج بثلاثة أعوادٍ، أو ثلاثة أحجار، أو ثلاث حثيات من تراب‏"‏‏.‏

قال الدَارَقُطْنيُّ‏:‏ أمَّا الحديث الأوَل فإسناده صحيحٌ‏:‏ وأمَّا هذا فلم يسنده غير المُضَريِّ وهو كذَّاب، وغيره يرويه عن طاوس مرسلاً- ليس فيه ابن عبَاس-، ورواه ابن عيينة عن سلمة عن طاوس قوله‏.‏

ز‏:‏ روى الحديث الأوَل‏:‏ أبو داود والنَسائيُ، والله أعلم O‏.‏

قال المؤلِّف‏:‏ وندلُ على مالك‏:‏ 156- بما روى أحمد‏:‏ ثنا وكيع ثنا الأعمش قال‏:‏ سمعت مجاهداً يحدث عن طاوس عن ابن عبَّاس قال‏:‏ مرَ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بقبرين، فقال‏:‏ ‏"‏إنَّهما ليعذَّبان وما يعذَّبان في كبير، أمَّا أحدهما فكان لا يستبري من بوله، وأمَّا الآخر فكان يمشي بالنَّميمة‏"‏‏.‏

أخرجاه في ‏"‏الصحيحين‏"‏‏.‏

ز‏:‏ 157- وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال‏:‏ قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏"‏أكثر عذاب القبر من البول‏"‏‏.‏

رواه الإمام أحمد وابن ماجه والحاكم وقال‏:‏ على شرطهما، ولا أعلم له علَةً‏.‏

وقال الإمام أحمد في البول‏:‏ وقد روي موقوفاً‏.‏

ويشبه أن يكون أصحُّ‏.‏

قاله الدَارَقُطنِيُ‏.‏

158- وعن ابن عبَاس رفعه إلى النَبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال‏:‏ ‏"‏عامَّة عذاب القبر من البول، فتنزَّهوا من البول‏"‏‏.‏

رواه الطَبرانيُ والحاكم والدَارَقُطْنِيُ وقال‏:‏ إسناده لا بأس به‏.‏

159- وعن أنس عن النَبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال‏:‏ ‏"‏تنزَّهوا من البول، فإنَّ عامَّة عذاب القبر منه‏"‏‏.‏

رواه الدَّارَقُطْنيُ من رواية أبي جعفر الرَازي، وهو متكلَم فيه، قال ابن المديني‏:‏ ثقة وكان يخلِّط‏.‏

وقال أحمد‏:‏ ليس بقوي‏.‏

وقال أبو زرعة‏:‏ يهم كثيراً‏.‏

وقال الدَارَقُطْنِيُّ‏:‏ المحفوظ مرسلٌ O‏.‏

قال المؤلف‏:‏ وقد استدلَ أصحابنا‏:‏ 160- بما أنا به عبد الرَّحمن بن محمَد القزَّاز أنا أحمد بن عليِّ بن ثابت أخبرني محمَد بن جعفر بن علاَّن أنا أحمد بن جعفر بن محمَّد الخلاَّل ثنا صالح ابن محمَّد بن نصر الترمذيُّ ثنا القاسم بن عبَاد الترمذيَّ ثنا صالح بن عبد الله الترمذيَّ عن أبي عامر عن نوح بن أبي مريم عن يزيد الهاشمي عن الزهري عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال‏:‏ قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏"‏الدَّم مقدار الدرهم‏:‏ يغسل وتعاد منه الصَّلاة ‏"‏ وقد رواه روح بن غطيف بن أبي سفيان الثَقفيُ عن الزهريِّ عن سعيد بن المسيَب عن أبي هريرة‏.‏

وهذا الحديث لا يحسن الاحتجاج به، قال يحيى بن معين قال‏:‏ نوح ابن أبي مريم ليس بشيءٍ ولا يكتب حديثه‏.‏

وقال الدَارَقُطْنِيُ‏:‏ متروكٌ‏.‏

وقال البخاريَّ‏:‏ هذا الحديث باطلٌ، ورَوْح منكر الحديث‏.‏

وقال النَسائيُ‏:‏ رَوْح متروك الحديث‏.‏

وقال ابن حِبَان‏:‏ يروي الموضوعات على الثقات، لا يحل الاحتجاج به‏.‏

قال ابن حِبَّان‏:‏ وهذا حديث موضوع لا شك فيه، ما قاله رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وإنَّما هو اختراعٌ أحدثه أهل الكوفة في الإسلام‏.‏

ز‏:‏ قال سفيان بن عبد الملك‏:‏ قال عبد الله- هو ابن المبارك-‏:‏ قد رأيت رَوْح بن غطيف- صاحب ‏"‏الدَّمَ قدر الدِّرهم ‏"‏ عن النَّبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فجلست إليه مجلساً، فجعلت أستحيي من أصحابي أن يروني جالساً معه لكثرة ما في حديثه- يعني‏:‏ المناكير-‏.‏

وقال ابن عَدِيٍّ‏:‏ أنا محمَّد بن مُنيرْ ثنا أحمد بن العبَّاس قال‏:‏ قلت ليحيى ابن معين‏:‏ تحفظ عن الزُّهري عن أبي سلمة عن أبي هريرة عن النَّبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال‏:‏ ‏"‏تعاد الصَلاة في مقدار الدرهم من الدمَ ‏"‏‏؟‏ قال‏:‏ لا والله‏.‏

ثمَّ قال‏:‏ مَنْ‏؟‏ قلت‏:‏ ثنا مُحْرِز بن عون‏.‏

قال‏:‏ ثقة، عن مَنْ‏؟‏ قلت‏:‏ عن القاسم بن مالك المزني‏.‏

قال ثقة، عن مَنْ‏؟‏ قلت‏:‏ عن روح بن غطيف‏.‏

قال‏:‏ ها‏.‏

قلت‏:‏ يا أبا زكريا، ما أرى أُتينا إلا من روح بن غطيف‏.‏

قال‏:‏ أجل‏.‏

قال ابن عَدِي‏:‏ هذا لا يرويه عن الزهريِّ- فيما أعلمه- إلا رَوْح بن غطيف، وهو منكرٌ بهذا الإسناد‏.‏

قال البيهقيُ‏:‏ وفيما بلغني عن محمَّد بن يحيى الذُّهلِي أنَّه قال‏:‏ أخاف أن يكون هذا موضوعاً، ورَوْح هذا مجهولٌ‏.‏

وقد سُئل الدَارَقُطْنِيُ عن حديث أبي سلمة عن أبي هريرة رفعه‏:‏ ‏"‏تعاد الصَّلاة من قدر الدِّرهم‏"‏‏.‏

فقال‏:‏ يرويه رَوْح بن غطيف عن الزهري، واختلف فيه‏:‏ فقال القاسم بن مالك المزنيُ‏:‏ عن روح بن غطيف عن الزهري‏.‏

وقال ‏[‏أسد‏]‏ بن عمرو البجليُ‏:‏ عن غطيف الطائفي عن الزهري- وهو رَوح بن غطيف كما قال القاسم بن مالك-‏.‏

ورَوح ضعيفٌ، ولا يعرف هذا عن الزهري O‏.‏

مسألة ‏(‏29‏)‏‏:‏ لا يجوز الاستنجاء بأقلَّ من ثلاثة أحجار‏.‏

وقال أبو حنيفة ومالك‏:‏ لا يجب العدد‏.‏

لنا حديثان‏:‏ الأوَل‏:‏ حديث عائشة‏:‏ ‏"‏فليستطب بثلاثة أحجار‏"‏‏.‏

وقد تقدَم‏.‏

161- الحديث الثَاني‏:‏ قال أحمد‏:‏ ثنا وكيع ثنا الأعمش عن إبراهيم عن عبد الرَحمن بن يزيد عن سلمان قال‏:‏ قال بعض المشركين- وهم يستهزئون- لسلمان‏:‏ إني أرى صاحبكم يعلِّمكم حتَّى الخِرَأَة‏!‏ قال سلمان‏:‏ أجل، أمرنا أن لا نستقبل القبلة، ولا نستنجي بأيماننا، ولا نكتفي بدون ثلاثة أحجار، ليس فيها رجيعٌ ولا عظمٌ‏.‏

انفرد بإخراجه مسلمٌ‏.‏

ز‏:‏ 162- وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال‏:‏ قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏"‏إنَّما أنا لكم مثل الوالد‏.‏

- وفيه‏:‏ وكان يأمر بثلاثة أحجار وينهى عن الرَّوث والرِّمَة-‏"‏‏.‏

رواه الإمام أحمد وأبو داود والنَسائيُ وابن ماجه وأبو حاتم في ‏"‏صحيحه‏"‏‏.‏

163- وعن خُزيمة بن ثابت رضي الله عنه قال‏:‏ سُئل النبيُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن الاستطابة، فقال‏:‏ ‏"‏بثلاثة أحجار ليس فيها رَجيعٌ‏"‏‏.‏

رواه الإمام أحمد وأبو داود وابن ماجه‏.‏

164- وعن جابر أنَّ النَبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال‏:‏ ‏"‏ ‏[‏إذا استجمر أحدكم فليستجمر ثلاثاً‏"‏‏.‏

رواه أحمد‏.‏

165- وعن سهل بن سعد أن النَّبيَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال‏]‏‏:‏ ‏"‏أولا يجد أحدكم حجرين للصفحتين وحجراً للمسرَبَة‏؟‏‏"‏‏.‏

رواه الدَارَقُطْنِيُ وقال‏:‏ إسناده حسنٌ‏.‏

وقد روى حديث سهل هذا‏:‏ الطَّبرانيُ والعقيليُ عن عليِّ بن عبد العزيز عن عَتيق بن يعقوب الزبيري عن أُبيِّ بن عبَّاس بن سهل بن سعد عن أبيه عن جده‏.‏

وعَتيقٌ‏:‏ روى عنه أبو زرعة الرَازيَّ، وقال‏:‏ بلغني أن عَتيِق حفظ ‏"‏الموطأ‏"‏ في حياة مالك‏.‏

وأبيٌّ‏:‏ من رجال الصَحيح، وقد تكلَّم فيه غير واحد من الأئمة‏.‏

وقال العقيليُ- بعد أن رواه-‏:‏ وروى الاستنجاء بثلاثة أحجار عن النَبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جماعة، منهم‏:‏ أبو هريرة وسلمان وخُزيمة بن ثابت وعائشة والسَّائب بن خلاَّد الجهنيُ وأبو أيُوب، لم يأت أحدٌ منهم بهذا اللفظ، ولأُبيٍّ أحاديث لا يتابع منها على شيءٍO‏.‏

احتجوا‏:‏ 166- بما روى أحمد‏:‏ ثنا وكيع عن إسرائيل عن أبي إسحاق عن أبي عُبيدة عن عبد الله قال‏:‏ خرج النَبيُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لحاجته فقال‏:‏ ‏"‏التمس لي ثلاثة أحجار‏"‏‏.‏

فأتيته بحجرين ورَوْثَة، فأخذ الحجرين وألقى الرَّوْثَة، وقال‏:‏ ‏"‏إنَّها ركسٌ‏"‏‏.‏

قال الترمذيَّ‏:‏ هذا حديث فيه اضطراب، وأبو عُبيدة لم يسمع من أبيه‏.‏

قلت‏:‏ ثمَّ لا حجَّة فيه، لأنَّه يجوز أن يكون أخذ حجراً ثالثاً مكان الرَّوْثَة‏.‏

ز‏:‏ وقد روى البخاريَّ في ‏"‏صحيحه ‏"‏ هذا الحديث من حديث زهير عن أبي إسحاق عن عبد الرَحمن بن الأسود عن أبيه عن عبد الله‏.‏

ورواه الإمام أحمد والدَارَقُطْنِيُّ، وفي آخره‏:‏ ‏"‏ائتني بحجرٍ‏"‏، وفي لفظ الدَارَقُطني‏:‏ ‏"‏ائتني بغيرها ‏"‏ O‏.‏

مسألة ‏(‏30‏)‏‏:‏ لا يجوز الاستنجاء بالرَّوث ولا بالعظم‏.‏

وقال أبو حنيفة ومالك‏:‏ يجزىء ويكره‏.‏

لنا أربعة أحاديث‏:‏ أحدها‏:‏ حديث سلمان، والثَاني‏:‏ حديث ابن مسعود، وقد تقدَّما‏.‏

167- الثَالث‏:‏ قال الترمذيَّ‏:‏ ثنا هنَاد ثنا حفص بن غياث عن داود ابن أبي هند عن الشَعبي عن علقمة عن عبد الله بن مسعود قال‏:‏ قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏"‏لا تستنجوا بالروث ولا بالعظام، فإنَّه زاد إخوانكم من الجن‏"‏‏.‏

انفرد بإخراجه مسلمٌ‏.‏

168- الحديث الرَابع‏:‏ قال الدَارَقُطْنِيُ‏:‏ ثنا أبو محمَّد بن صاعد وأبو سهل بن زياد قالا‏:‏ أنا إبراهيم بن إسحاق الحربيُّ ثنا يعقوب بن كاسب ثنا سلمة بن رجاء عن الحسن بن فرات القزَّاز عن أبيه عن أبي حازم عن أبي هريرة أنَ النَبيَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نهى أن يُستنجى بروثِ أو بعظم وقال‏:‏ ‏"‏إنَهما لا يطهران‏"‏‏.‏

قال الدَارَقُطْنيُ‏:‏ إسناده صحيحٌ‏.‏

وقد روى نحوه‏:‏ ابن عمر وجابر‏.‏

ز‏:‏ سلمة بن رجاء‏:‏ قال ابن معين‏:‏ ليس بشيءٍ‏.‏

وقال أبو زرعة‏:‏ صدوقٌ‏.‏

وقال النَسائيُ‏:‏ ضعيفٌ‏.‏

وقال أبو حاتم‏:‏ ما بحديثه بأسٌ‏.‏

وقال ابن عَدِي‏:‏ حدَّث بأحاديث لا يتابع عليها‏.‏

وذكره ابن حِبَان في ‏"‏الثقات ‏"‏، وروى له البخاريَّ في ‏"‏الصَحيح‏"‏‏.‏

ويعقوب بن كاسب‏:‏ قيل‏:‏ روى عنه البخاريَّ في ‏"‏صحيحه ‏"‏ أيضاً ولم ينسبه وقوَّاه، وقال يحيى والنَسائيُ‏:‏ ليس بشيءٍ‏.‏

ووثقه يحيى مرَةً، وقال أبو حاتم‏:‏ ضعيف الحديث‏.‏

169- وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال‏:‏ اتبعت النَّبيَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وخرج لحاجته- فكان لا يلتفت، فدنوت منه فقال‏:‏ ‏"‏أبغني أحجاراً استنفض بها- أو نحوه-، ولا تأتني بعظم ولا روثٍ ‏"‏ فأتيته بأحجارٍ بطرف ثيابي، فوضعتها إلى جنبه وأعرضت عنه، فلما قضى أتبعه بهنَّ‏.‏

رواه البخاريَّ‏.‏

170- وعن رُويفع بن ثابت رضي الله عنه قال‏:‏ قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏"‏يا رويفع، لعل الحياة ستطول بك بعدي، فأخبر النَّاس أنَّه من عقد لحيته، أو وكانوا في الجاهلية يعقدون لحاء شجر الحرم، فيقلدونه من أعناقهم، فيأمنون بذلك، وهو قول الله عز وجل‏:‏ ‏(‏لا تحلوا شعائر الله ولا الشهر الحرام ولا الهدي ولا القلائد‏)‏ ‏[‏المائدة‏:‏ 2‏]‏-، فلما أظهر الله الإسلام، نهى عن ذلك من فعلهم‏.‏

وروى أسباط عن السدي- في قول الله تبارك وتعالى‏:‏ ‏(‏يا أيها الذين آمنوا لا تحلوا شعائر الله ولا الشهر الحرام ولا الهدي ولا القلائد ولا آمين البيت الحرام‏)‏ ‏[‏المائدة‏:‏ 2‏]‏-‏:‏ أما شعائر الله تعالى‏:‏ فحرم الله؛ وأما الهدي والقلائد‏:‏ فإن العرب كانوا يقلدون من لحاء الشجر- شجر مكة-، فيقيم الرجل بمكة، حتى إذا انقضت الأشهر الحرم وأراد أن يرجع إلى أهله قلَد نفسه وناقته من لحاء الشجر، فيأمن حتى يأتي أهله‏.‏

تقلَّد وتراً، أو استنجى برجيع دابة أو عظمٍ، فإنَّ محمََّداً صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ منه بريء‏"‏‏.‏

رواه أحمد وأبو داود والنَسائيُ‏.‏

171- وعن عبد الله بن مسعود قال‏:‏ قدم وفد الجنِّ على النَّبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقالوا‏:‏ يا محمَّد، انْه أمَّتك أن يستنجوا بعظم أو روثةٍ أو حُمَمَةٍ، فإن الله جل وعزَّ جعل لنا فيها رزقاً‏.‏

قال‏:‏ فنهى النَبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏.‏

رواه أبو داود- واللَفظ له- والدَارَقُطْنِيُّ من رواية إسماعيل بن عيَّاش‏.‏

قال الإمام أحمد‏:‏ ما روى عن الشَّامين فهو صحيحٌ، وما روى عن الحجازيين فليس بصحيحِ‏.‏

وقال الدَارَقُطْنيُ‏:‏ إسناده شاميٌ، ليس بثابتٍ‏.‏

172- وعن ابن مسعود أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أتاه ليلة الجنِّ ومعه عظمٌ حائلٌ، وبعرةٌ، وفحمةٌ، فقال‏:‏ ‏"‏لا تستنجينَّ بشىِءٍ من هذا إذا خرجت إلى الخلاء‏"‏‏.‏

رواه الإمام أحمد من رواية ابن لهيعة‏.‏

173- وعن سهل بن حُنَيف رضي الله عنه أنَ النَبيَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بعثه، وقال‏:‏ ‏"‏أنت رسولي إلى أهل مكَة، قل‏:‏ إنَ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أرسلني يقرأ عليكم السَلام، ويأمركم بثلاث‏:‏ لا تحلفوا بغير الله، وإذا تخليتم فلا تستقبلوا القبلة- وفي رواية‏:‏ الكعبة- ولا تستدبروها، ولا تستنجوا بعظمٍ ولا ببعرٍ‏"‏‏.‏

رواه الإمام أحمد O‏.‏

مسائل الوضوء

مسألة ‏(‏31‏)‏‏:‏ غسل اليدين عند القيام من نوم الليل واجبٌ‏.‏

وعنه‏:‏ مستحبٌ، كقولهم‏.‏

لنا‏:‏ 174- ما أنا به محمَد بن عبد الباقي البزَّاز ثنا أبو محمَّد الحسن بن عليٍّ الجوهريَّ أنا عمر بن محمَد الزَّيَّات ثنا قاسم بن زكريا ثنا أبو كريب ثنا أبو معاوية عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة قال‏:‏ قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏"‏إذا قام أحدكم من نوم الليل فلا يدخل يده في الإناء حتَّى يغسلها ثلاث مرَّات، فإنَّه لا يدري أين باتت يده‏"‏‏.‏

انفرد بإخراجه مسلمٌ‏.‏

وقد روى نحو هذا الحديث عن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ابنُ عمر وجابرٌ وعائشةُ‏.‏

ز‏:‏ 175- وقد روى البخاريَّ من حديث أبي هريرة ولفظه‏:‏ ‏"‏إذا استيقظ أحدكم من نومه فليغسل يده قبل أن يدخلها في وَضوءه، فإنَّ أحدكم لا يدري أين باتت يده‏"‏‏.‏

وفي رواية‏:‏ ‏"‏إذا كان أحدكم نائماً ثم استيقظ فأراد الوضوء، فلا يضع يده في الإناء حتَّى يصبَّ على يده، فإنَّه لا يدري أين باتت‏"‏‏.‏

ذكر مسلمٌ إسناده O‏.‏

مسألة ‏(‏32‏)‏‏:‏ النِّيَّه واجبة في طهارة الحدث

وقال أبو حنيفة‏:‏ لا تجب إلا في التَّيمُّم‏.‏

النية شرطٌ لطهارة الأحداث كلها، روي ذلك عن عليٌّ، وبه قال ربيعة ومالكٌ والليث بن سعدِ والَشافعيُ وإسحاق وأبو عبيد وغيرهم‏.‏

وقال زُفَر والحسن بن صالح والأوزاعيُ- في رواية-‏:‏ لا تشترط لشيء منها‏.‏

وقال أبو حنيفة وصاحباه والأوزاعي- في رواية أخرى عنه-‏:‏ لا تشترط إلا للتَيمُم‏.‏

وحكى ابن الزَّاغوني وجها في المذهب أن النية لا تشترط لطهارة الحدث‏.‏

وقال ابن تميم‏:‏ ولا تشترط لطهارة الخبث على الأصح، وفيه وجه‏:‏ تشترط، وفيه ثالث‏:‏ تشترط إن كانت على اليدين‏.‏

وحكى ذلك أيضاً صاحب ‏"‏الرعاية‏"‏ فيها‏.‏

لنا ثلاثة أحاديث‏:‏ 176- الأوَل‏:‏ قال البخاريُّ‏:‏ ثنا محمَّد بن كثير عن سفيان ثنا يحيى بن سعيد عن محمَّد بن إبراهيم التَّيميَّ عن علقمة بن وقَّاص عن عمر بن الخطَّاب قال‏:‏ سمعت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول‏:‏ ‏"‏إنَّما الأعمال بالنيات، ولكل امرىء ما نوى، فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله، فهجرته إلى الله ورسوله، ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها أو امرأة يتزوجها، فهجرته إلى ما هاجر إليه‏"‏‏.‏

وأخرجه مسلم‏.‏

177- الحديث الثَّاني‏:‏ قال مسلم‏:‏ حدَّثني إسحاق بن منصور ثنا حَبَّان ابن هلال ثنا أبان ثنا يحيى أنَّ زيداً حدَّثه أبا سَلاَّم حدَّثه عن أبي مالك الأشعري قال‏:‏ قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏"‏الطهور شطر الإيمان، والحمد لله تملأ الميزان‏"‏‏.‏

انفرد بإخراجه مسلمٌ‏.‏

178- الحديث الثَالث‏:‏ أنبأنا محمَد بن عبد الملك بن خَيْرُوْن أنبأنا أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت أنا أبو بكر أحمد بن الحسن الحَرَشِيُ ثنا أبو العبَاس الأصم ثنا أبو عتبة أحمد بن الفرج ثنا بقيَة ثنا إسماعيل بن عبد الله عن إياس عن أنس عن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال‏:‏ ‏"‏لا يقبل الله قولاً إلا بعمل، ولا يقبل قولاً وعملاً إلا بنيَّة، ولا يقبل قولاً وعملاً ونيَّة إلا بإصابة السُّنَّة‏"‏‏.‏

ز‏:‏ هذا حديث منكرٌ، وإسناده مظلمٌ‏.‏

وأبو عتبة أحمد بن الفرج الحمصيُ‏:‏ ضعَّفه محمَدُ بن عوف الطَائيُ وابن جَوْصَا، وقال ابن عَدِي‏:‏ هو وسط ليس ممن يحتجُ بحديثه أو يتديّن به، إلا أنَّه يكتب حديثه‏.‏

وقال ابن أبي حاتم‏:‏ كتبنا عنه ومحلُه عندنا محلُّ الصَّدق‏.‏

وقوله في الإسناد‏:‏ ‏(‏عن إياس‏)‏ خطأٌ، والصَواب‏:‏ ‏(‏عن أبان‏)‏ وهو ابن أبي عيَّاش، وهو متروكٌ‏.‏

وقد حسَّن هذا الحديث الحافظ أبو القاسم بن عساكر فوهم، فإنَّ هذا الحديث لا يصححُّ مرفوعاً، وإنَّما هو معروف من كلام الثَوريِّ، والله أعلم O‏.‏

احتجُّوا‏:‏ 179- بما روى أحمد‏:‏ ثنا يزيد ثنا سفيان الثَّوريَّ عن أيُّوب بن موسى عن سعيد بن أبي سعيد المقبرُي عن عبد الله بن رافع عن أمِّ سلمة قالت‏:‏ قلت‏:‏ يا رسول الله، إني امرأة أشدُ ظَفْرَ رأسي، أفأنقضه عند الغُسل من الجنابة‏؟‏ فقال‏:‏ ‏"‏إنَّما يكفيك ثلاث حفناتٍ تصبينها على رأسك‏"‏‏.‏

انفرد بإخراجه مسلمٌ، ولا حُجَّة في هذا لهم، لأنها إنَّما سألته عن كيفيَة الغسل‏.‏

مسألة ‏(‏33‏)‏‏:‏ التَسمية في الوضوء واجبةٌ‏.‏

وعنه‏:‏ أنَّها سنَةٌ، كقول أبي حنيفة والشَافعيِّ‏.‏

لنا خمسة أحاديث‏:‏ 180- الحديث الأوَل‏:‏ قال الدَّارَقُطْنِيُ‏:‏ ثنا أحمد بن موسى بن العبَّاس بن مجاهد ثنا أحمد بن منصور ثنا أبو عامر‏.‏

وقال أحمد‏:‏ ثنا زيد بن الحباب‏.‏

وقال عبد بن حميد‏:‏ ثنا عبد الملك‏.‏

قالا‏:‏ ثنا كثير بن زيد قال‏:‏ حدَثني رُبَيح بن عبد الرَحمن ‏[‏بن‏]‏ أبي سعيد عن أبيه عن جدِّه عن النَبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال‏:‏ ‏"‏لا وضوء لمن لم يذكر اسم الله عليه‏"‏‏.‏

181- الحديث الثَّاني‏:‏ قال الدَّارَقُطْنيُ‏:‏ ثنا أبو محمَد بن صاعد ثنا سلمة بن شَبِيب ثنا ابن أبي فُدَيْك ثنا عبد الرَحمن بن حَرْمَلة عن أبي ثِفَال المُري قال‏:‏ سمعت رَبَاح بن عبد الرَحمن بن أبي سفيان بن حُوَيْطب يقول‏:‏ أخبرتني جدَتي عن أبيها أنَ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال‏:‏ ‏"‏لا صلاة لمن لا وضوء له، ولا وضوء لمن لم يذكر اسم الله عليه‏"‏‏.‏

هذا الصَّحابي‏:‏ سعيد بن زيدٍ‏.‏

182- طريق آخر‏:‏ قال عبد الله بن أحمد‏:‏ ثنا شيبان ثنا يزيد بن عياض عن أبي ثِفَال المُري قال‏:‏ سمعت رَبَاح بن عبد الرَحمن بن حُوَيْطب يقول‏:‏ سمعت جدَتي أنَّها سمعت أباها سعيد بن زيدٍ يقول‏:‏ سمعت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول‏:‏ ‏"‏لا صلاة لمن لا وضوء له، ولا وضوء لمن لم يذكر اسم الله تعالى‏"‏‏.‏

183- طريق ثالث‏:‏ قال الترمذيَّ‏:‏ ثنا نصر بن علي وبِشْرُ بن معاذٍ قالا‏:‏ ثنا بِشْرُ بن المُفضَلِ عن عبد الرَحمن بن حَرْمَلهَ عن أبي ثِفَالٍ المُريِ عن رَبَاحِ ابن عبد الرَّحمن عن جدَّته عن أبيها قال‏:‏ سمعت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول‏:‏ ‏"‏لا وضوء لمن لم يذكر اسم الله عليه‏"‏‏.‏

184- الحديث الثَالث‏:‏ قال أحمد‏:‏ ثنا قتيبة ثنا محمَّد بن موسى المخزوميُ عن يعقوب بن سلمة عن أبيه عن أبي هريرة قال‏:‏ قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏"‏لا صلاة لمن لا وضوء له، ولا وضوء لمن لم يذكر اسم الله عليه‏"‏‏.‏

185- طريق آخر‏:‏ قال الدَارَقُطْنِيُ‏:‏ ثنا ابن صاعد ثنا محمود بن محمَد الظَفَريَّ ثنا أيُوب بن النَّجَار عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال‏:‏ قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏"‏ما توضَّأ من لم يذكر اسم الله عليه، وما صلَّى من لم يتوضَّأ‏"‏‏.‏

186- طريق آخر‏:‏ قال الدَارَقُطْنِيُ‏:‏ ثنا محمَد بن مَخْلد ثنا أبو بكر محمَد بن عبد الله ‏[‏الزهيريَّ‏]‏ ثنا مرداس بن محمَد بن عبد الله بن أبي بردة ثنا محمَد بن أبان عن أيُوب ‏[‏بن‏]‏ عائذ الطَّائيِّ عن مجاهد عن أبي هريرة قال‏:‏ قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏"‏من توضَأ وذكر اسم الله تطهَر جسده كلُه، ومن توضٌأ ولم يذكر اسم الله عز وجل لم يتطهر إلا موضع الوضوء‏"‏‏.‏

وربَّما قال الخصم‏:‏ فهذا حجَتنا، لأنَّه حكم بطهارة الأعضاء مع عدم التَسمية‏.‏

قلنا‏:‏ البدن جميعه محدثٌ، بدليل أنَّّه لا يجوز مسُ المصحف بصدره، ومع بقاء الحدث في بعض البدن لا تصحُ الصَلاة‏.‏

187- الحديث الرَّابع‏:‏ قال الدَارَقُطْنِيُّ‏:‏ ثنا عثمان بن أحمد الدَّقَاق ثنا محمَد بن عبيد الله المناديَّ ثنا أبو بدر ثنا حارثة بن محمَد عن عمرة عن عائشة قالت‏:‏ كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقوم إلى الوُضوء فيسمي الله عزَّ وجلَّ‏.‏

188- الحديث الخامس- مقطوع-‏:‏ أنبأنا عبد الوهَّاب بن المبارك الحافظ أنا أبو طاهر أحمد بن الحسن الباقلاويَّ أنا أبو علي ابن شاذان أنا دَعْلَج ثنا محمَّد بن علي- بن زيدٍ ثنا سعيد بن منصور ثنا عَتَاب ثنا خُصَيف قال‏:‏ توضَّأ رجلٌ عند رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ولم يسمَّ، فقال‏:‏ ‏"‏اعد وضوءك‏"‏‏.‏

ثم توضَّأ ولم يسمَّ، فقال‏:‏ ‏"‏اعد وضوءك ‏"‏- ثلاث مرات- ثم توضَّأ وسمَّى، فقال‏:‏ ‏"‏الآن حين أصبت وضوءك‏"‏‏.‏

هذه الأحاديث فيها مقالٌ قريبٌ‏:‏ فقي الحديث الأوَّل‏:‏ كثير بن زيد، قال يحيى‏:‏ ليس بذاك القويِّ وقال أبو زرعة‏:‏ هو لينٌ‏.‏

قال أحمد والبخاريُّ‏:‏ أحسن شيء في هذا الباب حديث كثير بن زيد‏.‏

وحديث قتيبة جيدٌ‏.‏

وقد قالوا في رُبَيح‏:‏ أنَّه ليس بالمعروف‏.‏

وقال أحمد‏:‏ من أبو ثِفَال‏؟‏‏.‏

وقال الترمذيَّ‏:‏ اسمه ثمامة بن حصين‏.‏

ومن مذهب أحمد تقديم الحديث الضَعيف على القياس‏.‏

قال أبو بكر الأثرم‏:‏ سمعت أبا عبد الله أحمد بن حنبل يقول‏:‏ ليس في هذا حديثٌ يثبت، وأحسنها حديث كثير بن زيدٍ‏.‏

وضعَّف حديث ابن حَرْمَلة‏.‏

وقال‏:‏ أنا لا آمر بالإعادة، وأرجو أنه يجزئه الوضوء، لأنَّه ليس في هذا حديث أحكم به‏.‏

ز‏:‏ وروى حديث رُبِيح بن عبد الرَحمن عن أبيه عن جده‏:‏ ابن ماجه في ‏"‏سننه‏"‏‏.‏

وسئل إسحاق بن راهويه‏:‏ أيَّ حديثٍ أصحُ في التَّسمية‏؟‏ فذكر حديث أبي سعيد‏.‏

وقال أحمد‏:‏ ربيح ليس بمعروفٍ‏.‏

وقال أبو حاتم الرَّازيَّ‏:‏ روى عنه الدَّراوردي وكثير بن زيد والزُّبير بن عبد الله وفُلَيح بن سليمان‏.‏

وسئل أبو زرعة عنه فقال‏:‏ شيخ‏.‏

وقال الترمذيَّ في كتاب ‏"‏ العلل ‏"‏‏:‏ قال محمَد- يعني البخاريَّ-‏:‏ منكر الحديث‏.‏

وقال ابن عَدِي‏:‏ أرجو أنَّه لا بأس به‏.‏

وذكره ابن حِبَان في كتاب ‏"‏الثقات‏"‏‏.‏

وقال أحمد بن حفص السَعديَّ‏:‏ سُئل أحمد بن حنبل- يعني وهو حاضرٌ- عن التَّسمية في الوضوء، فقال‏:‏ لا أعلم فيه حديثاً يثبت، أقوى شيءٍ فيه حديث كثير بن زيدٍ عن رُبيح‏.‏

وقال العقيليُ‏:‏ ثنا إبراهيم بن عبد الوهَاب الأَبْزَارِيَّ ثنا أحمد بن محمَد بن هانئ قال‏:‏ قلت لأبي عبد الله أحمد بن حنبل‏:‏ التَسمية في الوضوء‏؟‏ فقال‏:‏ أحسن شيءٍ فيه حديث رُبَيح بن عبد الرَّحمن بن أبي سعيد عن أبيه عن أبي سعيد الخدري‏.‏

قلت‏:‏ فحديث عبد الرَحمن بن حَرْمَلة‏؟‏ قال‏:‏ لا يثبت‏.‏

قال العقيليُّ‏:‏ والأسانيد في هذا الباب فيها لين‏.‏

وقال أبو بكر بن أبي شيبة‏:‏ ثبت لنا أنَّ النَبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال‏:‏ ‏"‏لا وضوء لمن لم يسمِّ‏"‏‏.‏

وحديث سعيد بن زيد‏:‏ رواه ابن ماجه أيضاً‏.‏

وقال الترمذيَّ‏:‏ قال محمَّد بن إسماعيل‏:‏ أحسن شيءِ في هذا الباب حديث رباح بن عبد الرَحمن- يعني حديث سعيد بن زيد-‏.‏

وقال الترمذيَّ‏:‏ قال أحمد بن حنبل‏:‏ لا أعلم في هذا الباب حديثاً له إسنادٌ جيدٌ‏.‏

وقال البخاريَّ‏:‏ في حديثه نظر- يعني أبا ثفال-‏.‏

وقال ابن عبد البر‏:‏ أبو بكر بن حويطب، يقال‏:‏ اسمه رباح، ويقال‏:‏ اسمه كنيته، روى عن جدَّته، يقال‏:‏ حديثه مرسلٌ‏.‏

وروى حديث يعقوب بن سلمة عن أبيه عن أبي هريرة‏:‏ أبو داود وابن ماجه أيضاً، والحاكم وقال‏:‏ هو حديث صحيح الإسناد‏.‏

وقال البخاريَّ‏:‏ ولا يعرف لسلمة سماعٌ من أبي هريرة، ولا ليعقوب من أبيه‏.‏

ومحمود بن محمَد الظفريَّ‏:‏ قال الدَّارَقُطْنيُ‏:‏ ليس بالقوي، فيه نظر‏.‏

وشيخه أيُوب بن النَجَار‏:‏ ثقةٌ، من رجال ‏"‏الصحيحين‏"‏‏.‏

وقال البيهقيُ في حديثه‏:‏ لا يعرف من حديث يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة إلا من هذا الوجه، وكان أيُوب بن النَجَار يقول‏:‏ لم أسمع من يحيى بن أبي كثير إلا حديثَا واحداً- حديث‏:‏ ‏"‏التقى آدم وموسى‏.‏‏"‏- ذكره يحيى ابن معين فيما رواه عنه ابن أبي مريم، فكان حديثه هذا منقطعاً، والله أعلم‏.‏

والحديث الرَابع‏:‏ في إسناده‏:‏ حارثة بن محمَد، وقد ضعَّفوه‏.‏

189- وعن عبد المهيمن بن عبَاس بن سهل بن سعد السَّاعدي عن أبيه عن جدِّه عن النَبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال‏:‏ ‏"‏لا صلاة لمن لا وضوء له، ولا وضوء لمن لم يذكر اسم الله‏.‏ رواه ابن ماجه‏.‏

وعبد المهيمن‏:‏ ضعَّفوه، وقال الدَارَقُطْنِيُ‏:‏ عبد المهيمن ليس بالقويِّ‏.‏

وقال ابن حِبَان‏:‏ لا يحتجُ به‏.‏

وقال البيهقيُ‏:‏ ضعيفٌ، لا يحتجُ برواياته‏.‏

وقد احتجَ بعضهم بأحاديث في الاستدلال بها نظرٌ، منها‏:‏ 190- ما روى أنس بن مالك رضي الله عنه قال‏:‏ نظر أصحاب رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَضوءا فلم يجدوا، فقال النَبيُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏"‏ها هنا ماء‏؟‏ ‏"‏ فأُتي به، فرأيت النَبيَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وضع يده في الإناء الذي فيه الماء، ثُمَّ قال‏:‏ ‏"‏توضَّؤوا باسم الله ‏"‏ فرأيت الماء يفور من بين أصابعه‏.‏

رواه النَسائيُّ والدَارَقُطْنِيُّ- وهذا لفظه-‏.‏

ورواه الإمام أحمد وابن خزيمة في ‏"‏صحيحه ‏"‏، وفيه‏:‏ والقوم يتوضَّؤون حتَى توضَّؤُوا من آخرهم‏.‏

قال ثابت لأنس‏:‏ كم تراهم كانوا‏؟‏ قال‏:‏ نحوا من سبعين‏.‏

190/أ- وقد روى الإمام أحمد من رواية الأسود بن قيس عن نُبيح العَنَزِيِّ أن جابر بن عبد الله قال‏:‏ غزونا مع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ونحن يومئذٍ بضعة عشر ومائتين، فحضرت الصَلاة، فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏"‏هل في القوم من ماء‏؟‏ ‏"‏ فجاء رجلٌ يسعى بإداوة فيه شيءٌ من ماءٍ، قال‏:‏ فصبَّه رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في قدحٍ، فتوضَّأ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فأحسن الوضوء، ثُمَّ انصرف وترك القدح، فركب النَاس القدح‏:‏ تمسَحوا، تمسَحوا‏.‏

فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏"‏على رسلكم- حين سمعهم يقولون ذلك-‏"‏، قال‏:‏ فوضع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كفَّه في الماء والقدح، ثمَّ قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏"‏بسم الله‏"‏‏.‏

ثمَّ قال‏:‏ ‏"‏اسبغوا الوضؤء‏"‏‏.‏

فو الَّذي هو ابتلاني ببصري، لقد رأيت العيون- عيون الماء- يومئذٍ تخرج من بين أصابع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏!‏ فما رفعها حتَى توضَّؤُوا أجمعون‏.‏

نُبيح العَنَزِيَّ‏:‏ قال عليُّ بن المدينيِّ‏:‏ مجهولٌ‏.‏

وقال أبو زرعة‏:‏ كوفيٌ ثقةٌ، لم يرو عنه غير الأسود بن قيس‏.‏

وقد روى عنه أبو خالد الدَّالانيُ أيضاً، ووثَقه أبو حاتم بن حِبَان‏.‏

191- وقد روي من رواية سالم بن أبي الجعد قال‏:‏ سمعت جابراً قال‏:‏ أصابنا عطش فجَهَشنا إلى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قال‏:‏ فوضع يده في تَوْرٍ من ماءٍ بين يديه، فجعل يثور من خلال أصابعه كأنَّها عيون‏!‏ قال‏:‏ ‏"‏خذوا بسم الله ‏"‏ حتَّى وسِعنا وكفانا‏.‏

وقد روى البخاريَّ ومسلم من رواية سالم بن أبي الجَعْد عن جابر هذا الحديث بطرقه ولم يُذكر فيه التَسمية‏.‏

192- وقد روى مسلم في ‏"‏صحيحه ‏"‏ من رواية عبادة بن الوليد بن عبادة بن الصَّامت عن جابر بن عبد الله حديثاً فيه طول، وفيه‏:‏ ‏"‏يا جابر، ناد بوَضوء ‏"‏ فقلت‏:‏ ألا وَضوء‏؟‏ ألا وَضوء‏؟‏‏.‏

وفيه‏:‏ قال‏:‏ ‏"‏خذ يا جابر، فصبَّ عليَّ، وقل‏:‏ بسم الله ‏"‏ فصببت عليه، وقلت‏:‏ بسم الله‏.‏

فرأيت الماء يتفوَّر من بين أصابع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏.‏

فذكره O‏.‏

مسألة ‏(‏34‏)‏‏:‏ المضمضة والاستنشاق واجبان في الطهارتين‏.‏

وقال أبو حنيفة‏:‏ واجبان في الغسل، مسنونان في الوضوء‏.‏

وقال مالك والشَافعيُ‏:‏ مسنونان فيهما‏.‏

لنا أربعة أحاديث‏:‏ 193- الحديث الأوَل‏:‏ قال الدَارَقُطْنيُ‏:‏ ثنا عبد الله بن سليمان بن الأشعث ثنا الحسن بن علي بن مهران ثنا عصام بن يوسف ثنا عبد الله بن المبارك عن ابن جريج عن سليمان بن موسى عن الزهري عن عروة عن عائشة أنَ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال‏:‏ ‏"‏المضمضة والاستنشاق من الوضوء الذي لا بدَّ منه‏"‏‏.‏

في هذا الحديث مقالٌ، لأَنَّه تفرَد به سليمان عن الزُّهري، وتفرَّد به عصام عن ابن المبارك‏.‏

قال البخاريَّ‏:‏ عند سليمان مناكير‏.‏

قال عليُ بن المدينيَّ‏:‏ سليمان مطعونٌ عليه‏.‏

وقال الدَارَقُطْنِيُ‏:‏ وهم فيه عصام، والصَواب عن ابن جريج عن سليمان بن موسى- مرسلاً- عن النَبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏.‏

قال‏:‏ وأحسبه اختلط عليه، واشتبه بإسناد ابن جريج‏:‏ ‏"‏أيُّما امرأة نكحت بغير إذن وليِّها‏.‏ ‏"‏ ويمكن أن يقال‏:‏ سليمان ثقة، وما عرفنا في عصام طعناً، والرَّاوي قد يرفع وقد يرسل‏.‏

194- الحديث الثَاني‏:‏ قال الدَارَقُطْنِيُّ‏:‏ ثنا عليُّ بن الفضل بن طاهر البَلْخِيُ ثنا أحمد بن حمدان العائذيُّ ثنا الحسين بن الجنيد الدَّامَغانيُ- وكان رجلاً صالحاً- ثنا عليُّ بن يونس عن إبراهيم بن طَهْماَن عن جابر عن عطاء عن ابن عبَّاس عن النَّبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنَّه قال‏:‏ ‏"‏المضمضة والاستنشاق من الوضوء الذي لا يتم الوضوء إلا بهما‏"‏‏.‏

قال الخصم‏:‏ جابر هو‏:‏ الجُعْفِيُ، وقد كذَّبه أيُّوب السَّختيانيُ وزائدة‏.‏

قلنا‏:‏ قد وثَّقه سفيان الثَوريَّ وشعبة، وكفى بهما‏.‏

ز‏:‏ جابر الجُعْفِيُ‏:‏ ضعَّفه الجمهور، والمؤلف يحتجُ به في موضع إذا كان الحديث حجَّةَ له، ويضعفه في موضعٍ آخر إذا كان الحديث حجَةَ عليه‏!‏ وقال الدَارَقُطْنِيُ- بعد أن روى الحديث-‏:‏ جابرٌ ضعيف، وقد اختلف عنه، فأرسله أبو مُطيع الحكَم بن عبد الله عن إبراهيم بن طَهْماَن عن جابر عن عطاء، وهو أشبه بالصَواب O‏.‏

195- الحديث الثَّالث‏:‏ قال الدَّارَقُطْنِيُ‏:‏ ثنا الحسين بن إسماعيل ثنا عبد الله بن أحمد بن موسى ثنا هُدْبَة ثنا حمَاد بن سلمة عن عماَّر ابن أبي عمَّار عن أبي هريرة قال‏:‏ أمر رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالمضمضة والاستنشاق‏.‏

قال الخصم‏:‏ قد قال الدَارَقُطْنِيُ‏:‏ لم يسنده عن حمَّاد غير هُدْبة وداود بن المُحَبَّر، وغيرهما يرويه عن عمَّار عن النَبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لا يذكر أبا هريرة‏.‏

والجواب‏:‏ أنَّ هُدْبة ثقة، أُخرج عنه في ‏"‏الصَحيحين ‏"‏، فإذا رفعه كان رفعه زيادة على قول من وقفه، والزيادة من الثقة مقبولة، ومن وقفه لم يحفظ ما حفظ الرافع‏.‏

ز‏:‏ إذا روى بعض الثِّقات حديثاً فأرسله، ورواه بعضهم فأسنده، فقد اختلف أهل الحديث في ذلك‏:‏ فحكى الخطيب أن أكثر أصحاب الحديث يرون‏:‏ أنَّ الحكم في هذا للمُرْسِل‏.‏

وعن بعضهم‏:‏ أنَّ الحكم للأكثر‏.‏

وعن بعضهم‏:‏ أن الحكم للأحفظ‏.‏

وصحَّح الخطيب أنَ الحكم لمن أسنده إذا كان عدلاً ضابطاً، وسواءً كان المخالف له واحداً أو جماعة‏.‏

والصَّحيح أن ذلك يختلف‏:‏ فتارةً يكون الحكم للمُرسِل، وتارة يكون للمُسْنِد، وتارة للأحفظ‏.‏

ورواية من أرسل هذا الحديث أشبه بالصَواب، وقد صحَّح الدَارَقُطْنِيُ وغيره إرساله، والله أعلم O‏.‏

196- الحديث الرَابع‏:‏ قال أحمد‏:‏ ثنا عبد الرَزاق ثنا معمر عن همَّام عن أبي هريرة عن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال‏:‏ ‏"‏إذا توضَّأ أحدكم فليستنشق بمنخريه من الماء ثمَّ لينتثر‏"‏‏.‏

أخرجه مسلم، وقد روى نحوه‏:‏ عثمان بن عفَّان وابن عبَّاس وسلمة بن قيس والمقدام بن معدي كرب ووائل بن حُجْر‏.‏

فإن قالوا‏:‏ نحمله على الاستحباب بدليل ما روى أبو هريرة عن النَّبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنَه قال‏:‏ ‏"‏من توضَأ فليستنثر، من فعل فقد أحسن، ومن لا فلا حرج‏"‏‏.‏

قلنا‏:‏ ظاهر الأمر للوجوب، وليس احتجاجنا بقوله‏:‏ ‏"‏فلينتثر‏"‏، إنَما احتجاجنا بقوله‏:‏ ‏"‏فليستنشق من الماء ثم لينتثر‏"‏‏.‏

يقال‏:‏ استنثر‏:‏ إذا حرَّك النَثْرة- وهو طرف الأنف- لإخراج الفضلة‏.‏

وذلك لا يجب‏.‏

ز‏:‏ 197- أخرج البخاريَّ ومسلمٌ في ‏"‏صحيحيهما‏"‏ عن أبي هريرة أنَ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال‏:‏ ‏"‏إذا توضأ أحدكم فليجعل في أنفه ماءً ثمَّ لينتثر‏"‏‏.‏

198- وعنه أنَّ النَبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال‏:‏ ‏"‏إذا استيقظ أحدكم من منامه فليستنثر‏.‏ أخرجاه في ‏"‏الصَحيحين‏"‏‏.‏

199- وعن لقيط بن صَبرة قال‏:‏ قلت‏:‏ يا رسول الله، أخبرني عن الوضوء‏؟‏ قال‏:‏ ‏"‏اسبغ الوضوء، وخلِّل بين الأصابع، وبالغ في الاستنشاق إلا أن تكون صائماً‏"‏‏.‏

رواه الإمام أحمد وأبو داود وابن ماجه والنَسائيُ والتِّرمذيَّ وقال‏:‏ حديث حسنٌ صحيح‏.‏

ورواه ابن خزيمة في ‏"‏صحيحه‏"‏، والحاكم وصحَّحه‏.‏

وزاد أبو داود في بعض رواياته‏:‏ ‏"‏إذا توضَّأت فمضمض‏"‏‏.‏

200- وعن علي رضي الله عنه أنَّه دعا بوَضوءٍ، فتمضمض‏.‏

واستنشق ونثر بيده اليسرى، ففعل هذا ثلاثاً، ثمَّ قال‏:‏ هذا طُهور نبي الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏.‏

رواه أحمد والنَسائي والدَّارَقُطْنِيُ O‏.‏

قال المؤلِّف‏:‏ وقد احتجَ أصحابنا بحديثِ يروى عن أبي هريرة عن النَّبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه جعل المضمضة والاستنشاق للجنب ثلاثاً فريضة‏.‏

وهو حديثٌ موضوعٌ، لم يروه غير بركة بن محمَّد- وكان كذَّاباً-، وقد ذكرته في ‏"‏الموضوعات ‏"‏، فلم أر في ذكره هاهنا فائدة‏.‏

ز‏:‏ سُئل الدَارَقُطْنِيُ عن حديثِ يروى عن محمَّد بن سيرين عن أبي هريرة أن النَبيَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال‏:‏ ‏"‏المضمضة والاستنشاق للجنب ثلاثاً فريضة‏"‏‏.‏

فقال‏:‏ يرويه بركة بن محمَد بن زيد الحلبيُ- وقيل‏:‏ الأنصاريُ- عن يوسف بن أسباط عن الثَوري عن خالدِ الحذاء عن ابن سيربن عن أبي هريرة عن النَّبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏.‏

تابعه سليمان بن الرَبيع النَّهديَّ عن همَام بن مسلم عن الثَوري، وكلاهما متروكٌ، وهو وهمٌ‏.‏

والصَواب‏:‏ ما رواه وكيع وغيره عن الثَّوريِّ عن خالد الحذَّاء عن ابن سيرين- مرسلاً-‏:‏ أنَ النّبَيَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سنَّ في الاستنشاق في الجنابة ثلاثاً‏.‏

وبركة الحلبيُّ‏:‏ متروكٌ O‏.‏

احتجوا بحديثين‏:‏ أحدهما‏:‏ حديث أمِّ سلمة‏:‏ ‏"‏إنَّما يكفيك ثلاث حثياتٍ‏.‏

ولم يذكر المضمضة والاستنشاق، وقد سبق هذا الحديث‏.‏

201- والثَّاني‏:‏ قال الدَّارَقُطْنيُّ‏:‏ ثنا أبو سهل بن زياد ثنا الحسن بن العبَاس ثنا سويد بن سعيد ثنا القاسم بن غُصْن عن إسماعيل بن مسلم عن عطاء عن ابن عبَّاس قال‏:‏ قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏"‏المضمضة والاستنشاق سنَّةٌ‏"‏‏.‏

وهذا لا يصحُ، أمَّا إسماعيل بن مسلم‏:‏ فقال يحيى‏:‏ ليس بشيءٍ‏.‏

وقال عليُ بن المدينيِّ‏:‏ لا يكتب حديثه‏.‏

وأمَّا القاسم بن غُصْن‏:‏ فقال ابن حِبَّان‏:‏ يروي المناكير عن المشاهير، ويقلب الأسانيد‏.‏

وأمَا سُويْد‏:‏ فقال النَّسائيُ‏:‏ ليس بثقةٍ‏.‏

ز‏:‏ قال الدَارَقُطْنيُ- بعد أن روى هذا الحديث-‏:‏ إسماعيل بن مسلم ضعيف، والقاسم بن غصن مثلُه، خالفه عليُ بن هاشم فرواه عن إسماعيل بن مسلم المكيِّ عن عطاء عن أبي هريرة، ولا يصحُ أيضاً‏.‏

202- ثمَّ رواه من رواية إسحاق بن كعب عن عليِّ بن هاشم عن إسماعيل بن مسلم عن عطاء عن أبي هريرة قال‏:‏ قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏"‏إذا توضأ أحدكم فليمضمض وليستنشق‏"‏‏.‏

203- وقال أبو يعلى الموصليُ في ‏"‏مسنده‏"‏‏:‏ حدَثنا الحسن بن شَبِيْب المؤدِّب ثنا عليُ بن هاشم ثنا إسماعيل بن مسلم عن عطاء عن أبي هريرة أنَّ النَبيَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال‏:‏ ‏"‏إذا توضَّأ أحدكم فليمضمض وليستنثر، والأذنان من الرَأس ‏"‏ O‏.‏

مسألة ‏(‏35‏)‏‏:‏ يجب إدخال المرفقين في غسل اليدين‏.‏

وقال زُفَر وابن داود‏:‏ لا يجب‏.‏

لنا‏:‏ 204- ما روى الدَارَقُطْنِيُ‏:‏ ثنا أحمد بن إسحاق بن بهلول ثنا عبَّاد بن يعقوب ثنا القاسم بن محمَد بن عبد الله بن عَقِيْل عن جدِّه عن جابر بن عبد الله قال‏:‏ كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا توضَّأ أدار الماء على مرفقيه‏.‏

إلا أن هذا الحديث ضعيف، قال أحمد‏:‏ القاسم بن محمَد ليس بشيءٍ‏.‏

وقال أبو حاتم‏:‏ متروك الحديث‏.‏

مسألة ‏(‏36‏)‏‏:‏ يجب مسح جميع الرَأس‏.‏

وقال أبو حنيفة‏:‏ مقدار الرُبع‏.‏

وقال الشَافعيُّ‏:‏ أقل ما يتناوله اسم المسح‏.‏

لنا‏:‏ 205- ما روى الترمذيَّ‏:‏ ثنا إسحاق بن موسى الأنصاريَّ ثنا معن ثنا مالك ثنا عمرو بن يحيى عن أبيه عن عبد الله بن زيدٍ أنَ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مسح رأسه بيديه، فأقبل بهما وأدبر، بدأ بمقدَم رأسه، ثُمَّ ذهب بهما إلى قَفَاه، ثُمَّ ردَّهما إلى المكان الذي بدأ منه‏.‏

أخرجاه في ‏"‏الصحيحين‏"‏‏.‏

احتجوا‏:‏ 206- بما روى الإمام أحمد‏:‏ ثنا يحيى بن سعيد ثنا التَّيميُ عن بكر عن الحسن عن ابن المغيرة عن أبيه أنَ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ توضَّأ فمسح بناصيته، ومسح على الخفَّين والعمامة‏.‏

أخرجاه في ‏"‏الصَحيحين ‏"‏، وليس فيه حجَة لهم، لأنَّه لو جاز الاقتصار على النَاصية لما مسح على العمامة‏.‏

ز‏:‏ ذكر الحافظ ضياء الدِّين وغيره أن حديث المغيرة انفرد به مسلم‏.‏

وهو كما قالوا‏.‏

207- وروى معاوية بن صالح عن عبد العزيز بن مُسْلِم عن أبي مَعْقِل عن أنسِ بن مالكِ قال‏:‏ رأيت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يتوضَّأ وعليه عمامة قِطْريَةٌ، فأدخل يده من تحت العمامة فمسح مقدَّمَ رأسه، ولم ينقض العمامة‏.‏

رواه أبو داود وابن ماجه والحاكم‏.‏

وعبد العزيز هذا‏:‏ ليس بالقَسْمَلي، وإنَّما هو الأنصاريَّ، المدنيُ، مولى آل رفاعة، ذكره ابن حِبَان في كتاب ‏"‏الثِّقات‏"‏‏.‏

وأبو مَعْقِلٍ‏:‏ غير معروف‏.‏

وذكر ابن السَكن أنَ هذا الحديث لم يثبت إسناده‏.‏

وقال ابن القطَّان‏:‏ لا يصحُ‏.‏

208- وروى الشَافعيُ‏:‏ أخبرنا مسلم عن ابن جريج عن عطاء أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ توضأ فحسر العمامة عن رأسه، ومسح مقدَم رأسه- أو قال‏:‏ ناصيته-‏.‏

هذا مرسلٌ‏.‏

ومسلم هو‏:‏ ابن خالد، وقد تكلَم فيه غير واحدِ من الأئمة O‏.‏

مسألة ‏(‏37‏)‏‏:‏ يستحبُ تكرار مسح الرَأس ثلاثاً‏.‏

وعنه‏:‏ لا يسنُّ، كقول أبي حنيفة ومالك‏.‏

لنا أحاديث منها‏:‏ 209- ما روى أحمد‏:‏ ثنا وكيع عن إسرائيل عن عامر بن شقيق عن أبي وائل عن عثمان أنَ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ توضَّأ ثلاثاً ثلاثاً‏.‏

انفرد بإخراجه مسلم‏.‏

وقد رواه عليٌّ عليه السَلام‏:‏ 210- قال الترمذيَّ‏:‏ ثنا محمَد بن بشَّار ثنا عبد الرَحمن بن مهدي عن سفيان عن أبي إسحاق عن أبي حيَّة عن علي أنَ النَبيَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ توضَأ ثلاثاً ثلاثاً‏.‏

قال الترمذيَّ‏:‏ حديث علي أحسن شيءٍ في هذا الباب وأصحُ‏.‏

قال الخصم‏:‏ ليس لكم في الحديث حجَةٌ، لأنَ قوله‏:‏ ‏(‏توضَأ‏)‏ يعود إلى ما تحصل به الوضاءة، وهي الغسل، ويكشف هذا أنَّ في ‏"‏الصَحيح ‏"‏ عن عثمان أنَّه وصف وضوء رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثلاثاً ثلاثاً، ثمَّ قال‏:‏ ‏(‏ومسح برأسه‏)‏ ولم يذكر عدداً، ثُمَّ قال‏:‏ وغسل رجليه ثلاثاً‏.‏

وروي عن عليٍّ عليه السَلام ذكر المسح صريحاً، وأنَه مرَة‏:‏ 211- فروى الترمذيَّ‏:‏ ثنا هنَاد وقتيبة قالا‏:‏ ثنا أبو الأحوص عن أبي إسحاق عن أبي حيَة قال‏:‏ رأيت علياً توضأ، فغسل كفَّيه، ثمَّ تمضمض ثلاثاً، واستنشق ثلاثاً، وغسل وجهه ثلاثاً، وذراعيه ثلاثاً، ومسح برأسه مرَة، ثمَّ غسل قدميه، ثمَّ قال‏:‏ أحببت أن أريكم كيف كان طهور رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏.‏

قال الترمذيَّ‏:‏ هذا حديث صحيح‏.‏

واستدلُوا‏:‏ 212- بما روى أحمد‏:‏ ثنا يحيى بن إسحاق أنا حمَاد بن زيدِ عن سنان ابن ربيعة عن شهر بن حوشب عن أبي أمامة أنَّ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يمسح رأسه مرَةَ واحدةَ‏.‏

وقد روى عنه أنَه كان يمسح مرَةَ‏:‏ معاذُ بنُ جبل والبراءُ وعبدُ الله ‏[‏ابنُ عمرو‏]‏ وابنُ عبَاس‏.‏

والجواب‏:‏ أمَا قولهم‏:‏ ‏(‏أن ذلك يعود إلى الغسل‏)‏ فإن الوضوء إذا أطلق عمَّ المسح والغسل‏.‏

وأمَا من روى عن عثمان أنَّه لم يذكر في المسح عدداً، فلا حجَّة في ذلك، لأنَّ من ذكر العدد مقدَمُ القولِ‏.‏

وقد روى الدَارَقُطْنِيُ بإسناده عن عبد الله بن جعفر وشَقِيْق وحُمْران وابن داره والبيلماني، كلهم عن عثمان أنَه وصف وُضوء رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ومسح برأسه ثلاثاً‏.‏

213- قال أحمد‏:‏ ثنا صفوان بن عيسى عن محمَد بن عبد الله ابن أبي مريم قال‏:‏ دخلت على ابن دارة فقال‏:‏ رأيت عثمان دعا بوَضوء فمضمض ثلاثاً، واستنشق ثلاثاً، وغسل وجهه ثلاثاً، وذراعيه ثلاثاً ثلاثاً، ومسح برأسه ثلاثاً، وغسل قدميه، ثمَّ قال‏:‏ من أحبَ أن ينظر إلى وُضوء رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فهذا وُضوء رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏.‏

214- وقد روى الدَارَقُطْنِي عن عبد خيٍر عن علي‏"‏أنَه توضأ فمسح برأسه وأذنيه ثلاثاً، وقال‏:‏ هكذا وُضوءُ رسولِ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏.‏

وأمَّا ما ذكروا عن ابن عبَّاس‏:‏ فحديثٌ يرويه عبَاد بن منصور، وقد ضعَّفه يحيى والنَّسائيُّ‏.‏

ثمَّ نقول-‏:‏ المسح مرَّةَ لبيان الإجزاء‏.‏

والخصم يقول‏:‏ لمَّا جعل وظيفة الرأس المسح نبَّه على التَّخفيف‏.‏

فنقول‏:‏ هذه عبادة لا يعقل معناها‏.‏

215- وقد روى أحمد‏:‏ ثنا مروان بن معاوية الفزاريَّ ثنا ربيعة بن عُتْبة الكِنَاني عن المنهال بن عمرو عن زِر بن حُبيش قال‏:‏ مسحَ عليٌّ عليه السَلام رأسه في الوُضوء حتَّى أراد أن يقطر، فقال‏:‏ هكذا رأيتُ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يتوضَأ‏.‏

ورواه أبو داود عن عثمان ابن أبي شيبة عن أبي نُعيم عن ربيعة بمعناه‏.‏

216- قال أحمد‏:‏ وثنا عليُ بن بحر ثنا الوليد بن مسلم عن عبد الله بن العلاء عن أبي الأزهر عن معاوية أنَّه ذكر لهم وُضوء رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأنَه مسح رأسَه بغرفة من ماء، حتَّى يقطر الماء من رأسه- أو‏:‏ كان يقطر-‏.‏

ز‏:‏ عامر- في إسناد حديث عثمان-‏:‏ هو ابن شَقيق بن جَمْرة الأسديَّ، لم يرو له مسلم، وضعَّفه يحيى بن معين، وقال النَسائيُ‏:‏ ليس به بأس‏.‏

ووثَّقه ابن حِبَان‏.‏

ومسلم روى الحديث من غير طريقه، ولفظه‏:‏ أنَ عثمان توضَّأ بالمقاعد، فقال‏:‏ ألا أريكم وُضوء رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثم توضَّأ ثلاثًا ثلاثاً‏.‏

217- وقال أبو داود‏:‏ ثنا هارون بن عبد الله ثنا يحيى بن آدم ثنا إسرائيل عن عامر بن شقيق بن َجمْرة عن شَقيق بن سلمة قال‏:‏ رأيت عثمان بن عفَان غسل ذراعيه ثلاثاً ثلاثاً، ومسح رأسه ثلاثاً، ثُم قال‏:‏ رأيتُ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فعل هذا‏.‏

قال أبو داود‏:‏ رواه وكيع عن إسرائيل قال‏:‏ توضَّأ ثلاثاً‏.‏

قَطْ‏.‏

قلت‏:‏ وقد رواه ابن مهدي وعبد الرَزَاق وأبو أحمد الزبيريَّ وغيرهم عن إسرائيل، ولم يذكروا التكرار في مسح الرَأس، وهو الصَوابُ‏.‏

218- وروى عبد الله بن محمَد بن عَقيل عن الرُبيع بنت مُعَوِّذ بن عَفرَاء قالت‏:‏ رأيتُ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يتوضَّأ، فمسح رأسه، ومسح ما أقبل منه وما أدبر، وصُدغيه، وأذنيه، مرَّةً واحدةً‏.‏

رواه الإمام أحمد وأبو داود والَّترمذي وقال‏:‏ حديثٌ حسنٌ صحيحٌ‏.‏

ولفظه لأبي داود والتِّرمذيّ‏.‏

219- وعن عبد الله بن زيد قال‏:‏ رأيت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يتوضأ فغسل وجهه ثلاثاً، ويديه مرَتين، وغسل رجليه مرَتين، ومسح برأسه مرَتين‏.‏

رواه النَسائيُ بإسنادٍ جيدٍ‏.‏

220- وعن عبد الرَحمن بن وَرْدان قال‏:‏ حدَثني أبو سلمة بن عبد الرَحمن قال‏:‏ حدّثني حُمْران قال‏:‏ رأيتُ عثمان بن عفان توضأ‏.‏- وفيه‏:‏- ومسح رأسه ثلاثاً، ثمَّ غسل رجليه ثلاثاً، ثمَّ قال‏:‏ رأيتُ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ توضَّأ هكذا، وقال‏:‏ ‏"‏من توضَّأ دون هذا كفاه‏"‏‏.‏

رواه أبو داود والدَارَقُطْنيُ وقال‏:‏ عبد الرَحمن ليس بالقوي‏.‏

وقال أبو داود‏:‏ أحاديث عثمان الصَّحاح كلُها تدلُ على أن مسحَ الرأسِ مرَةٌ، فإنَهم ذكروا الوضوء ثلاثاً وقالوا فيها‏:‏ ‏(‏ومسح رأسه‏)‏ لم يذكروا عدداً‏.‏

221- وعن عليٍّ أنَه توضأ ثلاثاً ثلاثاً، ومسح برأسه وأذنيه ثلاثاً ثلاثاً، وقال‏:‏ هكذا وُضوء رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أحببت أن أريكموه‏.‏

رواه الدَارَقُطْنِيُ‏.‏

وغالب الروايات عن علي أنَّه مسح مرَةً واحدةَ، والله أعلم O‏.‏